کد مطلب:306564 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:178

الانقلاب علی الاعقاب


و إلی هنا اكتفی أیها القاری ء اللبیب، لأن الكاتب من المستحیل أن تستطیع كلماته تعبر عن أشف وارق قلب تخللته تلك الرزیة العظمی.

غیر أنك تنتظر التأریخ لیفتح لك عن صفحاته سارداً ما قد حل لسیدة نساء العالمین من بعد هذه الفاجعة.

أجل.. فها هو الجمع قد وفد إلی بیت بنت المصطفی.

وای جمع یا تری؟!

هل هو الجمع الذی یحمل معه الحزن، یندب الرسول و یواسی بتوله، و یحمل معه رایات عزاء نقشت علیها حروف المصاب للنبی الراحل؟!!

لكنه عكس المتصور.. الذی یخمنه العقل، لانهم جاءوا من أجل هوی النفوس، و طموحها إلی ما لا یحبه اللَّه و لا یقبل به رسوله.

فها هی حناجرهم القویة تزعق بقسوة:

- (اخرج یا علی).. فتخترق هذه الكلمات بیت المثكولة المفجوعة.. فتقوم فضة جاریة البتول لتفتح الباب لتری ما الذی جری، فی حین تعلو قسمات علی أطیاف


من بسمة مُرة و هو یسمع فضة تجیبهم:

- (ان أمیرالمؤمنین علیاً مشغول).

.. فندّ صوت قاس: (خلی عنك هذا و قولی له یخرج و إلّا دخلنا علیه و اخرجناه ی كرها). [1] .

.. ثم یعلو جو المكان غوغاء و كلمات من هنا و هناك، حتی ان صارت لحظة، سكتت فهیا الافواه، و ارهفت فیه الاسماع، و كأن هاتفاً من السماء قد برز صوته، و بان له نور جعل العیون تسجد له اكباراً و تبجیلاً، و تعظیماً، فأن هدا الهاتف هو أقرب فی ان یذكرهم بنبیهم الراحل..

و كأن شبح محمد صلی اللَّه علیه و آله و سلم صار یطالعهم من وراء الباب.

فجمدت العیون و هی تتابعه بخطواته الثكلی.. و ما لبث هذا الطیف ان كلمهم بنبرات متقطعة بالعبرات و قد بان علیها الوهن و الحزن:

- (أیها الضالون المكذبون ماذا تقولون، و أی شی ء تریدون).

فالتفت الرجل إلی حیث الصوت، و هو ینظر إلی قومه مرة و إلی الباب اُخری.

فصاح:- (ما بال ابن عمك قد اوردك للجواب، و جلس من وراء حجاب).. فتحسرت سیدة النساء، وارتجفت شفتاها، و ما كادت لتكمل حتی انهمرت دموعها بغزارة، فكظمت حسرتها ثم قالت:

- (طغیانك یا هذا أخرجنی، و الزمك الحجة و كل ضال غوی).

فأرتسمت علی شفتی الرجل ابتسامة ضعف، كأنما هو یسخر بها من عجزه، یبحث عن كلماته الضائعات قائلاً:

- (خلی عنك الاباطیل و اساطیر النساء و قولی لعلی یخرج).



[1] هذا ما ذكره: الشافعئ في تاريخه (الإمام علي ابن أبي طالب عليه السلام) كذا في تأريخ، عبدالفتاح عبدالمقصود.